حكى أحد علماء النفس قصة أخوين نشآ في
بيئة فاسدة ؛ فأبوهما رجل مدمن سيئ الخلق، يضرب أمهم ، و يعتدي عليهم
بسلاطة لسانه و عصاه في ذهابه و إيابه ، إلى أن اتهم ذات يوم في قضية سرقة أودع بسببها السجن إلى أن مات .
لكن المحير أن أحد أبناء هذا الرجل
صار على درب أبيه، في إدمانه ، و سوء خُلقه ، و لم يكن عجيباً أن ينال
نهاية كنهاية أبيه، فأودع السجن في قضية سرقة ، والابن
الآخر قدّم أوراقه في إحدى المدارس ، و بحث له عن عمل مسائي ، فكان يعمل و
يدرس إلى أن صار طبيباً مشهوراً، يقصده الناس ؛ لعلمه الغزير ، و خُلقه
الجم .
توقف عالم النس أمام هذا المشهد
المحير متسائلاً: بالرغم من أن التنشئة واحدة ؛ فما الذي ذهب بأحد الأبناء
في طريق الإدمان و حياة الاستهتار ، و بالآخر ي طريق العلم ، العمل الجاد .
و لم يجد بداً من أن يحمل أسئلته ،
ويذب إلى الابن الذي في السجن ، و يسأله سؤالاً واحداً ، وهو ( لماذا ؟ ) ،
لماذا انت في السجن الآن ؟
قال له الابن : لو عاش أي شخص عيشتي ، لما كان له أن يرتاد إلا هذا الطريق ، و
عندما ذهب العالم إلى أخيه الطبيب ، و سأله نفس السؤال ، قال له الطبيب :
لو عاش أي شخص عيشتي ، و رأى ما رأيت لما كان له أن يفعل إلا كما فعلت !
* العبرة
من القصة أننا نحن من نصنع الحياة التي نحياها ، ليست الظروف الاجتماعية ، و
لا الأحوال الاقتصادية ، و لا التنشئة البيئية ، بالرغم من قوتها أحياناً .