برّ الوالدين هو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برّهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الإسراء .23 وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} النساء .36
فالمسلم يبرّ والديه في حياتهما، ويبرّهما بعد موتهما؛ بأن يدعو لهما بالرّحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما. يُحكى أنّ رجلاً من بني سلمة جاء إلى النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، هل بقيَ من برّ أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال: ''نعم. الصّلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرّحم الّتي لا توصل إلاّ بهما'' أخرجه ابن ماجه.
وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثـار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب} إبراهيم .41 وقال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} نوح28 .